الاثنين15فبراير2021
جاء الغزو السوفياتي لأفغانستان في 25 ديسمبر عام 1979 في سياق مطامع قديمة لموسكو في المنطقة وصراع القطبين، حول مناطق النفوذ في إطار الحرب البادرة، وقد كبد ذلك الغزو الجيش الأحمر خسائر فادحة بفعل المقاومة الشرسة التي أبداها المقاتلون الأفغان.
أربعة عقود مضت على انتهاء الغزو السوفييتي لأفغانستان، الذي استمر لعقد من الزمن، ورغم انتهائه قبل ثلاثين عامًا لا يزال ذلك البلد عالقا بين الحرب والسلام، في معادلة صراع ممزقة تفرز بشكل مستمر حصيلة لا تنضب من الضحايا.
ففي 27 ديسمبر 1979، اغتالت عناصر من القوات الخاصة التابعة لـلجيش الأحمر (جيش البلاشفة)، الرئيس حفيظ الله أمين (1 أغسطس 1929 – 27 ديسمبر 1979) ثاني رؤساء أفغانستان أثناء فترة جمهوريتها الشيوعية.
واحتلت تلك العناصر التي كانت متنكرة بزي جنود أفغان، منشآت حكومية رئيسية في كابُل، ليبدأ بذلك الغزو السوفيتي لأفغانستان، ويفتح ساحة حرب دموية لأجيال أفغانية لاحقة، بارتدادات دولية مروعة.
مستنقع الموت
العميد المتقاعد محمد عارف، أحد المحاربين القدامى في الجيش الوطني الأفغاني، يقول متحدثا عن تلك الفترة: يمكنني أن أتذكر ذلك اليوم تماما مثل البارحة، ما زال يجعلني أرتجف ويضيف عارف: كانت هناك حركة غير عادية للقوات خلال النهار، وفي المساء، بدأت إذاعة كابل فجأة في البث من أوزبكستان جمهورية سوفيتية سابقة، وأعلنت تفاصيل الغزو وسقوط أمين.
ويربط عارف الذي فقد عددًا من أقربائه في الصراع الذي تلا ذلك، حلقات الموت والدمار الناجمة عن التمرد المستمر بقيادة طالبان والصعود المبكر للحركة المسلحة وكذلك حرب التسعينات الأهلية، بالأحداث المحيطة بالغزو السوفيتي موضحا لقد قتل اثنان من إخوتي على يد المجاهدين، في إشارة إلى المقاومين المناهضين للاتحاد السوفيتي ممن كانوا يحظون بدعم من العالم الإسلامي والغرب.
ويكمل: قتل أيضا العديد من أقاربي في عمليات نفذتها القوات الحكومية الموالية للسوفييت، مشيرا أن أفغانستان لا تزال تشهد مقتل أبنائها من الجانبين حتى اليوم.
وقتل أكثر من مليوني أفغاني منذ عام 1978، وفق مركز أفغانستان للحوار والذاكرة، والأخير متحف في كابل يوثق ضحايا حروب أفغانستان على مدار العقود الأربعة الماضية.
ويهدف المتحف لحماية ذكرى هؤلاء الضحايا من خلال الاحتفاظ بمتعلقاتهم، بدءاً من الملابس الملطخة بالدماء واليوميات الشخصية للجنود والمدنيين وصولا إلى دمى ولعب الأطفال.
متعلقات محفوظة في صناديق من الزجاج، معروضة في متحف يقع غير بعيد عن قصري دارول أمان وتاج بيك، الشهيرين في كابُل، واللذان كانا الموقعين الرئيسيين للغزو السوفيتي واغتيال الرئيس أمين.
الإفلات من العقاب انسحبت القوات السوفيتية من أفغانستان عام 1989، بفضل الجهاد من جانب الأفغان بدعم سخي من العالم الإسلامي والغرب، ويفخر الأفغان بطرد السوفييت من بلادهم، لكن موجة القتل استمرت رغم ذلك.
نظام الدين، مدير منظمة السلام وحقوق الإنسان أهلية، اعتبر أنه بدون وضع حد لثقافة الإفلات من العقاب من جميع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، فإنه لا يمكن إيقاف هذه الحلقة المفرغة.
والمنظمة تدعم بقوة فتح تحقيق من جانب محكمة العدل الدولية في الجرائم التي ارتكبتها طالبان والقوات الأفغانية والجهات الفاعلة الأمريكية في سياق النزاع المسلح في أفغانستان.
وفي نوفمبر الماضي، منح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عفوا عن اثنين من ضباط الجيش الأمريكي ممن أدينوا أو اتهموا بارتكاب جرائم حرب في أفغانستان.
ومنح ترامب عفوا كاملا عن الملازم أول كلينت لورانس، الذي أمر الجنود تحت قيادته بفتح النار على ثلاثة رجال كانوا يتحركون نحوهما على دراجة نارية بسرعة غير عادية، وفقًا بيان للبيت الأبيض.وأدين لورانس في الأصل بقتل رجلين في الحادث.وجاء في بيان للبيت الأبيض حينها، أن ترامب أصدر عفوا عن الرائد ماثيو جولستين، الذي اتهم بالقتل خارج نطاق القانون في أفغانستان، وكان يواجه محاكمة عسكرية.
وقبل ذلك، في عهد الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي، أقر مجلسا البرلمان مشروع قانون مثير للجدل حول الاستقرار والمصالحة الوطنية، يمنح حصانة شاملة من المقاضاة على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في الـ30 عاما الماضية.
وفي السنوات العشر الماضية وحدها، قُتل أو جُرح أكثر من 100 ألف مدني في أفغانستان، فضلا عن نزوح الآلاف، وفق أرقام أممية.
وتشهد أفغانستان، منذ الغزو الأمريكي عام 2001، صراعًا بين حركة طالبان من جهة، والقوات الحكومية والدولية بقيادة الولايات المتحدة من جهة أخرى؛ ما تسبب في سقوط آلاف الضحايا المدنيين.
وتشن حركة طالبان التي تسيطر على اكثر من ٥٢٪ من مساحة البلاد حسب الإحصائيات الرسمية هجمات شبه يومية ضد الحكومة الأفغانية، وترفض إجراء مفاوضات مباشرة معها؛ بحجة أنها غير شرعية وتشترط بغية التوصل لسلام معها خروج القوات الأمريكية وحلفائها الغربيين من أفغانستان.
المصدر: المركز الأفغاني للإعلام