الثلاثاء25مايو2021
صمدت بقايا أثرية لمدينة ملكية قرونا عدة عند ضفاف نهر هلمند في جنوب أفغانستان، غير أن علماء الآثار يبدون قلقا حيال مستقبل هذا المجمع الاستثنائي الذي يشغله حاليا المئات من النازحين الهاربين من المعارك في المناطق المجاورة.
فوق مجرى مائي شبه جاف في ضواحي لشكر كاه عاصمة ولاية هلمند يظهر مجمّع ضخم لقصور من الصلصال الأمغر عائد إلى القرن الحادي عشر ويسمى قلعة كهنه.
ويشكل المجمع الذي يسميه علماء الآثار لشكري بازار النموذج الوحيد المعروف عن المقار الشتوية لسلاطين السلالة الغزنوية وبعدهم الغوريون.
وقد حكمت هاتان السلالتان بين القرنين العاشر والثالث عشر منطقة كانت تضم أفغانستان الحالية وصولا إلى شمال الهند، وقد نشرتا الفن الإسلامي.
وتمتد منشآت متفرقة أخرى على حوالي عشرة كيلومترات جنوبا وصولا إلى قلعة بست المعروفة بقوسها الحجري الضخم. وأثار المجمع اهتماما كبيرا بفضل ضخامته وهندسته اللافتة ولوحاته الجدارية.
ويقول مدير البعثة الأثرية الفرنسية في أفغانستان (دافا) فيليب ماركي لا يوجد مثل هذا الموقع في أي مكان آخر في العالم الإسلامي، مجمّع بهذا القدر من التجانس والدقة في العمل، ورغم كل شيء لا يزال المكان محفوظا بصورة جيدة نسبيا.
ويضيف نعرف القليل عن المكان في نهاية المطاف، ومن المهم الحفاظ عليه لأننا متأكدون من أن ذلك سيعلّمنا الكثير عن تلك الحقبة.
لكنّ هذه المعالم المصنوعة من حجر الطوب والتربة المدكوكة مهددة جراء المساكن المعاصرة في المدينة الآخذة في التوسع والتي تضم في داخلها عائلات هاربة من النزاع في المناطق الريفية التي يسيطر عليها متمردو حركة طالبان.
وقد اختارت هذه العائلات النزول بين الأقواس المزخرفة والأبراج المنهارة جزئيا بعدما كانت تزخر في الماضي بنقوش ورسوم شتى. وقد أضاف الوافدون الجدد على المكان نوافذ وأبوابا وأسلاكا شائكة وغطوا الجدران بمزيج من الطين والقش لتفادي انهيارها.
وتنتشر أخبار في لشكر كاه تفيد بأن مسؤولين وضعوا اليد على جزء كبير من النقاط الأثرية بهدف تأجيرها للاجئين، لكن الصمت لا يزال سيد الموقف في القضية.
ويقر المسؤول في وزارة الآثار في العاصمة كابول فريد حيدري بأن “الموقع يخضع لسيطرة أناس يؤجرون منازل للفارين من مناطق الخطر”.
وكانت البعثة الأثرية الفرنسية في أفغانستان قد استكشفت الموقع في خمسينات القرن العشرين، لتتوقف بعدها كل عمليات التنقيب الأثري. وقد كشفت حينها عن قصور ومساجد ومبان ملاصقة أخرى مثل مشاغل الخزفيات والأعمال الحرفية والمبرّدات التي تتيح الحفاظ على الأطعمة طازجة.
المصدر: وكالات